هل الاستثمار في الذهب مربح؟
- يختلف في ذلك جموع المستثمرين والمحللين الماليين، إذ يرى البعض أن الذهب ما هو إلا وسيلة للتحصن ضد المخاطر في أسواق الأسهم وغيرها من الاستثمارات المتقلبة، وكذلك ضد ارتفاع التضخم وعدم اليقين.
- بشكل أساسي يرى هؤلاء أن الذهب يحفظ قيمة الأموال من التآكل فقط لكنه لا يصلح كأداة استثمارية لأنه لا يحقق عائدا، مثل الأسهم مثلا التي تمنح توزيعات من أرباح الشركات، أو السندات التي يدفع مقابلها فائدة ثابتة.
- من أمثال هؤلاء، المستثمر الأسطوري وارن بافيت، وهو أحد أغنى 5 أشخاص في العالم، والذي يرفض الاستثمار في الذهب لأنه لا يدر عائدا، ويفضل ضخ أمواله في أسهم الشركات، وانتظار تحقيقها عائدات قوية على المدى الطويل.
- في خطاب للمستثمرين المشاركين له عام 2018، قارن بافيت بين جدوى الاستثمار في الذهب والأسهم، قائلا إن استثمار 10 آلاف دولار منذ عام 1942 في الأسهم الأمريكية، كان ليحقق 51 مليون دولار حاليا، مقابل 400 ألف دولار فقط للمعدن النفيس.
- في المقابل يرى المعجبون بالمعدن النفيس فرصة من تحقيق ربح رأسمالي عن طريق الاستثمار طويل الأجل فيه، بمعنى شراء الذهب وتركه لفترة طويلة لحين ارتفاع أسعاره ومن ثم بيعه، لتحقيق الربح من فرق سعري الشراء والبيع.
- الذهب يحافظ على الثروة عندما يواجه المستثمرون انخفاض قيمة الدولار الأمريكي وارتفاع التضخم، وتاريخيا، كان الذهب بمثابة وسيلة للتحوط ضد هذين السيناريوهين (لحظة ينتظرها المراهنون على ارتفاع الذهب لتحقيق المكاسب).
- مع ارتفاع التضخم، ترتفع قيمة الذهب عادة، وعندما يدرك المستثمرون أن أموالهم تفقد قيمتها، سيبدؤون في وضع استثماراتهم في أحد الأصول التي حافظت تقليديا على قيمتها. فترة السبعينيات كانت مثالا رئيسيا على ارتفاع أسعار الذهب في خضم ارتفاع التضخم.
العوامل المؤثرة على سعر الذهب
- مثله مثل غيره من السلع، يتأثر الذهب بعوامل العرض والطلب، فكلما زاد الطلب عليه ارتفع سعره، وحال كانت هناك مشاكل في العرض، مثل حدوث عطل في منجم رئيسي أو إعلان شركة رئيسية تقليص إنتاجها، فإن ذلك يؤدي إلى ارتفاع الأسعار أيضا، والعكس صحيح.
- لكن الذهب كسلعة عالمية يطلبها الجميع بدءا من صغار المستهلكين إلى البنوك المركزية والمؤسسات الاستثمارية، تتأثر بعوامل أخرى كثيرة، أهمها سعر الدولار، الذي تسعر به في بعض أهم البورصات العالمية، فكلما زادت قوة الدولار ضعف سعر الذهب، والعكس صحيح.
- ونظرا لهذا الارتباط بالدولار، فإن سعر الذهب يتأثر مباشرة بمعدل الفائدة في الولايات المتحدة، فإذا قرر مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) رفع أسعار الفائدة، فإن ذلك يؤثر سلبا على قيمة الذهب، لأنه يعني قوة إضافية لقيمة الدولار، ويشجع المستثمرين على ضخ أموالهم في سندات الخزانة التي سترتفع قيمة العائدات عليها.
- ولكونه أداة استثمارية، تتأثر أسعار الذهب بأداء أسواق الأسهم، والتي تشكل استثمارا خطيرا نوعا ما (يحتمل المكسب والخسارة)، ففي الأوقات التي تنتعش فيها أسواق الأسهم وتزداد مكاسبها في ظل ظروف مواتية ومناخ صحي واضح للاستثمار، تتراجع أسعار الذهب عادة.
- التضخم عموما، في الولايات المتحدة على وجه الخصوص، ينعكس على أسعار الذهب، فكلما زاد التضخم يعني ذلك تراجعا في القوة الشرائية للعملات، وبالتالي يشتري المستثمرون الذهب للحفاظ على قيمة مدخراتهم، وهنا يزداد السعر. لكن التضخم قد يكون إشارة أحيانا لرفع أسعار الفائدة في وقت لاحق، ما قد يؤثر سلبا بعد ذلك على السعر.
- أيضا الاضطرابات الجيوسياسية وعدم القدرة على التنبؤ بما سيحدث في المستقبل، بسبب أزمة طبيعية (الوباء على سبيل المثال)، كلها أجواء تزيد المخاوف لدى المستثمرين، وفي هذه الحال يتحولون إلى الذهب وغيره من الاستثمارات الآمنة، للحفاظ إما كليا أو جزئيا على قيمة استثماراتهم. بالطبع عند الاستثمار في الذهب يجب أن ننتهز الفرص الشرائية لنتمكن من تحقيق عائد مرتفع قبل حدوث أي تغيرات اقتصادية أو سياسية تؤدي إلى زيادة الطلب وبالتالي ارتفاع السعر.
طرق الاستثمار في الذهب
- يمكن للمستثمرين الاستثمار في الذهب من خلال الصناديق المتداولة في البورصة، أو شراء الأسهم شركات تعدين الذهب والشركات المرتبطة بها، أو حتى شراء المعدن المادي مباشرة في صورة سبائك أو جنيهات ذهبية، أو شراء العقود الآجلة له وبيعها لاحقا أو الاحتفاظ بها لحين تسلم المعدن فعليا.
أهم النصائح للاستثمار في الذهب
- يوصي العديد من كبار مستشاري الاستثمار بتخصيص محفظة للسلع، بما في ذلك الذهب، من أجل تقليل مخاطر المحفظة الإجمالية.
- شراء السبائك هي الطريقة الأكثر مباشرة وشهرة للاستثمار في الذهب، لكن السبائك الكبيرة يكون من الصعب بيعها، خاصة إذا أراد المالك بيع جزء من حيازته.
- توفر السبائك الصغيرة والعملات الذهبية الأصغر حجما قدرة أكبر على التصرف وهي شائعة جدا بين مالكي الذهب.
- تتمثل المشاكل الرئيسية في الذهب المادي في أن تكاليف التخزين والتأمين تعيق إمكانية تحقيق الربح. في كثير من الدول يكون هناك خزائن خاصة للاحتفاظ بالذهب فيها، وهذا يكلف العملاء أموالا إضافية.
- يعتبر الاستثمار في الصناديق المتداولة للذهب، طريقة أرخص وأسهل للاستثمار في المعدن النفيس، إذ يشبه الأمر بيع وشراء الأسهم.
- العقود الآجلة هي عقود لشراء أو بيع كمية معينة محددة مسبقا في تاريخ معين في المستقبل، لكن تكلفة هذه العقود تكون كبيرة، وتحتاج لقدرة تحليلة قوية بشأن اتجاهات المستقبل، وبالتالي هي مناسبة للمستثمرين أصحاب الخبرة العالية.
- تستفيد الشركات المتخصصة في التعدين والتكرير من ارتفاع أسعار الذهب، ويمكن أن يكون الاستثمار في أسهمها وسيلة فعالة للربح من الذهب، ويحمل مخاطر أقل من طرق الاستثمار الأخرى.
- إذا ارتفعت أسعار الذهب، قد تزيد قيمة أسهم الشركات المرتبطة به، وفي هذه الحالة تزداد قيمة الاستثمار الأصلي للمرء، وفي النهاية سينال جزءا من أرباح الشركة المستثمر بها.