أبقى مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي ، اليوم ، أسعار الفائدة دون تغيير للمرة الثالثة على التوالي ، مما يمنحه مزيداً من المرونة لتقييم تأثير سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الاقتصاد، مراهناً على تماسك سوق العمل في وقتٍ تتزايد المخاوف -والضغوط أيضاً- بشأن النمو.
وبحسب بلومبرج ، صوتت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة لصالح الإبقاء على سعر الفائدة المرجعي ضمن نطاق 4.25% و4.5% للمرة الثالثة، بعدما خفضته 3 مرات متتالية في اجتماعات سبتمبر ونوفمبر وديسمبر بإجمالي نقطة مئوية كاملة.
ويهدف القرار للتريث حتى التأكد من أن التضخم ينخفض نحو المستوى المستهدف البالغ 2%، دون استنزاف خيار خفض الفائدة قبل تقييم تأثير الرسوم الجمركية التي فرضها ترمب على الاقتصاد الأكبر في العالم.
وورد ببيان لجنة السياسة النقدية: “رغم تأثر البيانات بتقلبات صافي الصادرات، إلا أن الأرقام الأخيرة تشير إلى استمرار نمو النشاط الاقتصادي بوتيرة قوية”.
واستند الفيدرالي إلى أن معدل البطالة “استقر عند مستوى منخفض في الأشهر الأخيرة، وظلت ظروف سوق العمل مستقرة. ولا يزال التضخم مرتفعاً بعض الشيء”.
وألمح الاحتياطي الفيدرالي إلى أن “حالة عدم اليقين بشأن التوقعات الاقتصادية ارتفعت”، وأكدت لجنة السياسة النقدية أنها ترى أن “مخاطر ارتفاع البطالة والتضخم زادت”.
ومع إشارة بيان البنك المركزي إلى ارتفاع مخاطر تصاعد التضخم والبطالة، تراجعت مؤشرات الأسهم الأميركية لأدنى مستوياتها على مدار الجلسة في ظل تعامل المتداولين مع البيان على أنه إشارة ضمنية إلى مخاطر الركود التضخمي.
وفي محضر اجتماع الاحتياطي الفيدرالي في مارس، أشار مسؤولو السياسة النقدية إلى مخاطر الركود التضخمي، وهو السيناريو الذي يتباطأ فيه النمو الاقتصادي مع بقاء التضخم راسخاً. يرى جميع مسؤولي السياسة النقدية ببنك الاحتياطي الفيدرالي تقريباً أن “المخاطر التي تهدد التضخم تميل إلى الاتجاه الصعودي، بينما تميل مخاطر التوظيف إلى الاتجاه الهبوطي”، وفق المحضر.
ورد حينها في محضر مارس أن بعض مسؤولي السياسة النقدية يرون “مقايضات صعبة إذا ثبت أن التضخم أكثر رسوخاً في حين ضعفت توقعات النمو والتوظيف”، وفق محضر الاجتماع.
ويعول مسؤولو السياسة النقدية في الاحتياطي الفيدرالي باجتماع مايو على تماسك سوق العمل، فبرغم انكماش الاقتصاد الأميركي 0.3% على أساس سنوي في الربع الأول، للمرة الأولى منذ 2022، وسط زيادة الواردات قبل فرض الرسوم، أظهرت بيانات الوظائف الأميركية لشهر أبريل إضافة الاقتصاد 177 ألف وظيفة جديدة، فيما استقر معدل البطالة عند 4.2%.
ويتحدى قرار الاحتياطي الفيدرالي، اليوم الأربعاء، برئاسة جيروم باول ، ضغوط الرئيس الأميركي دونالد ترامب المتكررة وانتقاداته اللاذعة للبنك المركزي الأميركي الذي وصفه بـ”المتأخر للغاية”، كما أطلق على باول لقب “العاجز”، وقال: “أنا أعلم عن أسعار الفائدة أكثر منه”.
وبلغت تصريحات ترامب حد دراسة إقالة باول. تأتي انتقادات ترمب في منشوراته على تطبيقه “تروث سوشيال” على خلفية تراجع أسعار النفط، وتقهقر التضخم، وارتفاع عدد الوظائف في الولايات المتحدة ، كما حمّل الرئيس الأميركي باول مسؤولية تباطؤ الاقتصاد.
وأكد باول ورفاقه في الاحتياطي الفيدرالي مراراً ميلهم لتوخي الحذر حيال خفض الفائدة لحين اتضاح الرؤية بشأن مصير الرسوم الجمركية التي يمضي ترمب قدماً في فرضها.
وقال باول منتصف الشهر الماضي إن الاحتياطي الفيدرالي “في وضع جيد” يسمح للمسؤولين “بالانتظار لمزيد من الوضوح قبل النظر في أي تعديلات على السياسة النقدية”، و”مع اكتسابنا فهماً أفضل للتغيرات السياسية، سيتوفر لدينا معرفة أفضل بالتأثيرات على الاقتصاد، وبالتالي على السياسة النقدية”.
وأكد رئيس الفيدرالي أيضاً استهداف استقرار التضخم، ليحافظ على مكتسبات دورة تشديد السياسة النقدية السابقة، وقال:”نلتزم بالحفاظ على توقعات التضخم على المدى الطويل”، والتأكد من أن الزيادات المؤقتة في الأسعار “لا تتحول إلى مشكلة تضخم مستعصية”.
وانخفض مؤشر التضخم الأساسي الأكثر متابعة من قبل الاحتياطي الفيدرالي إلى 2.6% في العام حتى مارس، انخفاضاً من ذروته البالغة 5.6% في 2022، لكنه لا يزال أعلى من هدف البنك المركزي البالغ 2%.
وتوقعت أسعار العقود الآجلة، قبيل صدور قرار الاحتياطي الفيدرالي، خفض الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية في اجتماع يوليو، وخفضين أو ثلاثة آخرين بنهاية العام ، ويتوقع الاقتصاديون الذين استطلعت آراءهم بلومبرج خفضين فقط، بدءاً من سبتمبر.